القديس ثيوفانيوس الحبيس
صفحة 1 من اصل 1
القديس ثيوفانيوس الحبيس
القديس البار ثيوفانيس الحبيس (+۱٨٩٤م)
أعلنت الكنيسة الروسية قداسته سنة ۱٩٨٨م بمناسبة العيد الالفي لمعمودية الشعب الروسي. يُعتبر، عن حق، من أبرز صنّاع النهضة الروحية في الكنيسة الروسية قبل الثورة البولشفية (۱٩۱٧). ويعتبره البعض أبرز من كَتَب في "الروحانية الأرثوذكسية"، لا في القرن التاسع عشر وحسب، بل عبر التاريخ الروسي برمّته.
اسمه في العالم كان جورج غوفوروف. ولد في ۱٠ كانون الثاني ۱٨۱٥ في قرية شرنافسك في مقاطعة الأورال في روسيا الوسطى. كان والده باسيليوس كاهناً تقيّاً موهوباً، وكانت أمّه محبّة لله، ممتلئة لطفاً ورأفة. طفولة البار كانت سعيدة. أُرسل في الثامنة من عمره الى المدرسة الإكليرية ثم الى المعهد الإكليركي في الأورال. كان واقعيّاً أن يُصار الى إعداده كاهناً، في خط والده، تبعاً للعادة المتبعة يومذاك. تميّز، منذ حداثته، بهدوء الطبع والميل الى الصمت، كما أحبّ الصلاة والعزلة. وقد أبدى، الى ذلك، مقدرة عقلية فذّة. انتقل، بعدما أتمّ دراسته في المعهد الإكليركي، الى الأكاديمية الكنسية في كييف حيث درس اربع سنوات ولمع. تردّد، أثناء إقامته في كييف، على دير الكهوف الذي هو مهد الرهبنة الروسية، فنما في قلبه ميل الى الرهبنة. من الذين أثّروا فيه، في تلك الفترة من حياته، شيخ روحاني اسمه برثانيوس. قبِل النذور وهو في سن السادسة والعشرين. قال له الأب برثانيوس يومذاك: "أنتم، رهط الرهبان المتعلمين، لكم علم جزيل، ولكن تذكّروا أنّ أهمّ عمل يمكن لكم أن تؤدّوه هو الصلاة. فصلّوا الى الله بلا انقطاع في وحدة ذهن وقلب. هذا ما عليكم أن تضعوه نصب أعينكم."
تقلّب القديس ثيوفانيس في مناصب عدة، استاذاً فمراقباً للمعهد اللاهوتي في نوفغورود فعميداً للمعهد اللاهوتي في أولونيتز. كان في تعليمه واضحاً ومثيراً وكان يبعث الحميّة في تلاميذه.
عام ۱٨٤٧ قرّرت الحكومة الروسية ايفاد بعثة كنسية الى اورشليم القدس لتقصّي احوال الأرثوذكسية في الشرق الاوسط وإنشاء إرسالية روسية دائمة في فلسطين . أحد أعضاء البعثة كان ثيوفانيس ورئيسها الأرشمندريت بورفيريوس أوسبنكسي. تحرّك اعضاء البعثة ما بين سوريا ومصر وسيناء وجبل آثوس. زارت المكتبات ودرست المخطوطات . عمل ثيوفانيس، بصورة خاصة، في مكتبتي دير القديس سابا في فلسطين ودير القديسة كاترينا في سيناء. كما زار الأديرة القبطية واحتكّ بالاكليروس الارثوذكسي واطّلع على أوضاعه ودرس أحوال الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية في الارض المقدسة. وقد تسنّى له خلال السنوات الثمانية التي امضاها هناك ان يتعلّم الفرنسية واليونانية والعربية والعبريّة. ثمّ عاد الى روسية إثر إندلاع الحرب الكريمية سنة ۱٨٥٥م.
عام ۱٨٥٧م عيّن ثيوفانيس عميداً للأكاديمية الكنسيّة في بطرسبرج وبقي في منصبه هناك سنتين.[/si
[size=12]عام ۱٨٥٩م اختير أسقفاً على كرسي تامبوف حيث اقام أربع سنوات ثمّ انتقل الى كرسي فلاديمير حيث اقام ثلاث سنوات. اهتمّ قديسنا، في هذه المرحلة من حياته، بصورة خاصة، بتحسين نوعية الوعظ بين الكهنة واستحدث لذلك دروساً خاصة فيها. هو نفسه كان واعظاً من الطراز الأول. كما اهتمّ بتعليم الناس طريق الخلاص وكيفية الصلاة. الى ذلك كان لشعبه أباً بكل معنى الكلمة وكان بسيطاً في عيشه، لا يأكل غير مرة واحدة في اليوم. معالم الرهبنة كانت واضحة في طريقة تعاطيه مع الأمور. ورغم كونه إدارياً قديراً كان يأبى ان يلعب دور القاضي. حضور المحاكم الكنسية كان يوجعه جدّاً، لذلك تخلى لإحدى الكهنة عن هذا الدور. ميله الى الوحدة والصلاة كان في ازدياد، لذا قرّر التخلّي عن الاسقفية وأن يصير راهباً بصورة نهائية. وقد منحه المجمع المقدّس إذناً بذلك. كان قد مضى عليه في الأسقفية سبع سنوات.
عام ۱٨٦٦ جعله المجمع المقدّس رئيساً لدير فيشا. هناك قضى قديسنا بقية سني حياته الثمانية والعشرين. كان، أوّل الأمر، يشترك في صلوات الدير ويستقبل الزوّار ويقوم ببعض المهام المتعلّقة به كرئيس للدير. أقام على هذه الحال ستّ سنوات اعتزل بعدها وصار يلازم ركنه ولا يقابل أحداً غير رئيس الدير وأب اعترافه والراهب الذي كان يقوم بخدمته. كان ركنه عبارة عن غرفة نوم صغيرة وغرفة استقبال صغيرة وكنيسة صغيرة ومكتبة ومشغل. وكان الى جانب شغفه بالعمل الفكري والكتابي رسّام أيقونات جيّداً وحفّاراً على الخشب. مذ ذاك أخذ يتمّم الخدم الإلهيّة، بما فيها القدّاس الإلهي، في محبسه. كان يقيم الذبيحة الإلهية، في البداية، كل أحد وعيد مهمّ، ثم أخذ يقيم الذبيحة كل يوم. لا نعرف عن حياته النسكية الكثير. لكننا نعرف أنه كان يقضي أكثر أوقاته في الصلاة الليتورجية أوالصلاة الشخصية – صلاة يسوع – أو القراءة والكتابة. كان يتناول الشاي صباحاً ومساءً، وياكل مرّة واحدة في اليوم. قوام وجبته كان بيضتين وكوباً من الحليب وقطعة خبز. هذا خارج أوقات القطاعة والصوم. ألّف العديد العديد من الكتب. نقل الكثير من مؤلفات آباء الكنيسة الى اللغة الروسية الحديثة، لا سيما مجموعة الفيلوكاليا، واعتاد الردّ على حجم هائل من الرسائل التي كان يتلقاها من المؤمنين بمعدّل عشرين الى أربعين رسالة كل يوم. ومع انه كان حبيساً كان معروفاً في كل أرجاء روسيا بفضل كتاباته ومراسلاته. ويبدو ان محاولة جرت لاجتذابه إلى المتروبوليتية على كرسي كييف لكنه لم يشأ قبولها.
أضنى القديس ثيوفانيس التعب لصرامة نسكه وسنه ومثابرته على الكتابة والتأليف. سنة ۱٨٨٨م فقد بصر إحدى عينيه. ومع ذلك استمر في نظامه النسكي وشغفه بالكتابة من دون تغيير. رقد بسلام في الرب دونما مرض أو نزاع. حدث ذلك قبل أربعة أيام من بلوغه سن الثمانين.
هذا وقد ترك لنا القديس ثيوفانيس مؤلفات عديدة تشكّل مكتبة بكل معنى الكلمة. تتضمن مؤلفاته الروحية والمستيكية ما يلي:
أ- رسائل في الحياة الروحية
ب- رسائل في الحياة المسيحية
ج- رسائل للناس في موضوع الإيمان والحياة
د- ما هي الحياة الروحية وكيف نسلك فيها؟
ه- طريق الخلاص (أهمّ مؤلفاته في تقدير العارفين)
و- في التوبة وسرّ الشكر وإصلاح النفس
ز- في اليقظة والصلاة
ح- تفسير أكثر رسائل الرسول بولس
ط- تفسير المزمورين ٣٣ و ۱۱٨
ي- نقل الفيلوكاليا أو كتابات آباء البريّة
ك- نقل القواعد الرهبانية القديمة
ل- نقل مواعظ القديس سمعان اللاهوتي الحديث
م- نقل كتاب "الحرب الروحيّة" للورنزو سكوبولي
(عن سير القديسين – السنكسار، وسائر الاعياد في الكنيسة الارثوذكسية، الارشمندريت الراهب توما بيطار)
كيف تخلص النفس
القديس ثيوفان الحبيس
القديس ثيوفان الحبيس
ماذا تقول للشخص الذي يسأل: "كيف أستطيع أن أخلّص نفسي؟"
هذا: تُب، وتقوَ بقوة النعمة في الأسرار الإلهية، سِرْ في طريق وصايا الله بالتوجيه الذي تعطيك إياه الكنيسة المقدسة من خلال كهنوتها الذي من الله. و هذا كله يجب أن يتم بروح من الإيمان الصادق الذي لا تحفظات فيه.
إذاً ما هو الإيمان؟
الإيمان هو الاعتراف الصادق بأن الله الذي يُعبد في الثالوث، الذي خلق كل الأشياء والذي يزوّد الكل، يحفظنا نحن الساقطين من خلال قوة موت إبن الله المتجسد على الصليب، وبنعمة الروح القدوس في كنيسته المقدسة. بدايات التجديد الذي يؤسس في هذه الحياة سوف تظهر بكل مجدها في الزمان الآتي بطريقة لا يستطيع العقل فهمها ولا اللسان التعبير عنها.
يا ربنا، كم هي عظيمة هي مواعيدك!
إذاً كيف يسير المرء في طريق الوصايا ؟
هذا لا يمكن الإجابة عليه بكلمة واحدة، لأن الحياة هي أمر متكامل. إليك ما هو ضروري.
أ. تًب واستدر إلى الله، اعترف بخطاياك، إبكِ عليها بندم في القلب، واعترف بها أمام أبيك الروحي. أنذر بالكلمة وبالقلب أمام وجه الله بألا تسيء إليه مجدداً بخطاياك.
ب. ثم بالثبات في الله بالفكر والقلب، إسعَ إلى أن تنجز بالجسد الواجبات والأمور التي يفرضها عليك موقعك في الحياة.
ج. بهذا العمل أكثر من كل شيء احفظ قلبك من الأفكار والأحاسيس الشريرة – العجب، المجد الباطل، الغضب، إدانة الآخرين، الحقد، الحسد، الاحتقار، اليأس، التعلق بالأشياء والناس، الأفكار المشتتة، القلق، كل اللذات الحسية وكل ما يفصل العقل والقلب عن الله.
د. لكي تثبت في هذا العمل، قرر مسبقاً ألاّ تنسحب مما تعرف أنه ضروري حتى ولو عنى ذلك الموت. لتحقق هذا، عليك أولاً عندما تقرر أن تقدّم حياتك لله كي تحيا ليس لنفسك بل لله وحده.
هـ. إن دعماً للحياة بهذه الطريقة هو تقديم متواضع للنفس إلى الله، وليس وقفاً على شخص الإنسان. الأرينا الروحية التي تتم فيها هذه الحياة هي الصبر أو موقف unswerving في مصاف الحياة المصلحة، مع احتمال بهيج لكل الأعمال والأحزان المرتبطة به.
و. ما يدعم الصبر هو الإيمان أو الثقة بأن العمل بهذه الطريقة لله، يجعلك خادماً له وهو سيداً لك. فإذ يرى أتعابك يبتهج بها ويقدّرها. تأمّل بأن معونة الله التي تحميك في كل وقت هي دائماً حاضرة تنتظرك وسوف تنزل عليك عند حاجتك، وأن الله لن يتخلى عنك إلى نهاية حياتك ويحفظك كأحد المخلصين بوصاياه هنا وسط كل التجارب. سوف يقودك عبر الموت إلى ملكوته الأبدي. مَن يتأمل ليلاً ونهاراً بالرب المحبوب، ويحاول بشتى الطرق أن يرضيه، ويتحاشى كل ما قد يأثم إليه بالفكر أو القول أو الفعل.
ز. أسلحة هذه الحياة هي: الصلاة في الكنيسة وفي البيت وخاصةً الصلاة العقلية، الصوم على قدر طاقة المرء وبحسب قوانين الكنيسة، اليقظة، الانعزال، الأعمال الجسدية، الاعتراف المتواتر بالخطايا، المناولة المقدسة، قراءة كلمة الله وكتابات الأباء القديسين، التحادث مع الذين يخافون الله، استشارة الأب الروحي بكل أمور حياة المرء الداخلية والخارجية. الأساس في تحديد هذه الأعمال ووقتها ومكانها هو الحكمة ونصح المجربين (المختبرين).
ح. أحرس نفسك بخوف ولأجل هذا تذكّر النهاية: الموت، الحساب، الجحيم والملكوت السماوي.
ط. انتبه إلى نفسك قبل كل شيء. احفظ فكرك رزيناً وقلبك بلا اضطراب .
ك. فلتكن إضرام نار الروح هدفك النهائي، حتى تشتعل النار الروحية في قلبك وبجمعك كل قواك في واحدة سوف تبدأ ببناء الإنسان الداخلي وبالنهاية تُحرق خطاياك وأهوائك.
رتب حياتك بهذه الطريقة وسوف تكون مخلصاً بنعمة الله.
jean wagdy esskandar- مشرف
- الجنس :
عدد المساهمات : 119
تاريخ الميلاد : 15/08/1981
تاريخ التسجيل : 21/06/2009
العمر : 43
مواضيع مماثلة
» القديس متياس الرسول
» القديس الأب بامبو
» القديس بيتر بيمتس
» القديس الانبا توماس السائح
» الشهيد العظيم القديس فيلوباتير
» القديس الأب بامبو
» القديس بيتر بيمتس
» القديس الانبا توماس السائح
» الشهيد العظيم القديس فيلوباتير
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى